رسائل الميدان ـ 20
قصــة الشرعية الدستورية ..
بين شهوة السلطة ، وشهوة القتل !!!
الأصدقاء والصديقات .. لا أستطيع أن أواصل رسائلى إليك ..دون التوقف ..عند قصة الشرعية الدّستورية التى أصبحت اللحن الجنائزى المميز للسقوط المدوّى للفاشية المتأسلمة .. التى تصورت / غرورا / أنها قد أحكمت طوقها على حياة ومستقبل الشعب المصرى العظيم .
القصة إن الشعوب المتحضرة تحتاج الى مرجعية ، والى معيار
ثابت تستند اليه فى توجيه حركتها ، وعلاقاتها بنفسها وبغيرها ، وفى ضبط مسارها على الطريق لإدراك غاياتها..تتجسد هذه المرجعية فى دستور مكتوب أو غير مكتوب .. يحظى بإتفاق جميع الأطراف فى المجتمع ..انها الشرعية الدّستورية .. وتلك هى الحالة الإعتيادية.
لكن عندما يثور الشعب .. طلبا لتغيير حياته بصورة جذرية ..تتجه القوة الصّاعدة الى إسقاط المرجعية القديمة التى ثار عليها .. ليدخل المجتمع فى مرحلة انتقالية على طريق المجتمع الذى تريده..وبصورة استثنائية ..تتحلل فيها من الإلتزام بالدستور .. حتى تنتهى من إقرار أسس و تنظيم المجمتع الجديد .. مستندة فى ذلك إلى "شرعية الثورة "..او " الشرعية الدّستورية "ولقد رفضت الفاشية المتأسلمة .. رفضا قاطعا أن تنفذ المرحلة الإنتقالية ..على قواعد " الشرعية الثورية ".. وأصرت على أن تكون الشرعية الدستورية .وعن طريق إعلانات دستورية ودستور يصاغ على قياسها .. ومع ذلك .. فقد أخذو يستظلون / على مؤشر مصالحهم / "بشرعية الصندوق" تارة ، و"بالشرعية الثّورية " تارة أخرى .!!
بهذا المعنى تصبح المرحلة الإنتقالية إستثناء من السياق العام التقليدى لحركة المجتمع .. فيها يحدد الشعب / بعد هويته وانتماءه / قيمه ومبادئه ونظمه ومؤسساته ووحقوقه وواجباته .. وفيها يضع الآسس المادية والمعنوية لمجتم ؟!
إن الثورة لاتكون بغير شرعية ثورية .. وان مهمات الإنتقال لايمكن تنفيذها إلأ بالدستورالذى ثرنا عليه. لكن الفاشية الدينية تنكرت لشرعية الثورة " طريق السلامة " .. وسلكت على الطريق المعاكس طريق " الندامة ".. طريق الشرعية الدستورية .. فيما يسمى إعلاميا " بشرعية الصندوق ". .. ام انه كان مدخلا للسيطرة على الوطن والمواطن ؟!.
.. فإننى أدرك أن ثورة يناير التّاريخية .. بعد يوم النصر دخلت من بوَّابات " الشرعيةالدّستورية "إلى "طريق التمكين ".. الذى يشكل الهدف المحورى للفاشية الملتحفة بالدين .. فى الهيمنة على السلطة والثورة والدولة والمجتمع والإنسان .
***
كأن شرعية الصندوق هى البداية .. هى الخدعة الأكبر فى تاريخنا .. به إستطاعت العصابة الفاشية المتأسلمة .. أن تسرق ثورة 25 يناير الشعبية التاريخية والحضارية وأن تتحول بها إلى أداة للتمكين والهيمنة .
• بدأت الرحلة الى" شرعية الصندوق " بحزب واحد بخبرة 80 عاما ، وبضع احزاب تقليدية تعانى حالة مزمنة من الجفاف الجماهيرى ومن آثار التأقلم مع متطلبات أمن الدولة ومؤامراتها ، وعشرات من الإتلافات الشبابية التى لايتجاوز تأثيرها حدود أعضاءها ..
• على هذه الخريطة لم يكن هناك حزب واحد يعبر عن ثلاثين مليونا شاركوا مباشرة فى ثورة 25 يناير و كان لمليونياتهم الفعل الحاسم فى انتصارها .
كان الواقع الحزبى لايعبر عن واقع المجتمع ، و لايجسد طموح الثورة ..ومع أن اللجوء الى الصندوق كان يعنى فى وضوح تسليم مصر جاهزة وعلى طبق من دهب ...الأ أن شهوة التسلط لدى الفاشية المتأسلمة ، و خوفها من ضياع فرصتها ، وتواطؤ النخب ، وضغوط الولايات المتحدة بالتعجيل بعودة الجيش الى ثكناته .. قد وضعت مصر أمام " الصندوق "الذى تهيّأ لإنتاج ابشع صنوف الدكتاتورية التى عرفتها مصر فى المجلس النيابى بغرفتيه " الشعب والشورى " وابتلعت فيه الفاشية المتأسلمة حصة الأحزاب والمستقلين .. وأصدر القضاء المصرى أحكاما بعدم دستورية . ثم الى انتخابات رئاسية بنفس الشروط المجحفة ..لتجعل من الفاشية المتأسلمة رئيسا لكل المصرين .
***
كانت صياغة الدستور .. هى الخطوة التالية على طريق إحكام القيضة على حياة ومستقبل الشعب المصرى .
صدر الدستور " وثيقة " تعبر عن مصالح وأهواء القوى الحاكمة ، التى صاغت مبادئه ، لجنة "غير دستورية " لا تُعبِّر عن توافقات شعبنا .. إختارها " برلمان " غير دستورى .. وأشرف عليها "مجلس للشورى "يحمل نفس العوار..ولاتحْظًى بموافقة تزيد على 20% من أصوات المسجلين بقوائم النّاخبين .
***
على طريق التمكين .. و بشهوة السلطة التى لاترتوى .. إندفعت الفاشية فى جهد دؤوب .. لم يتوقف يوما .. ولم تترك إليه وسيلة إلا إستخدمتها .. بصرف النظر عن القيم أوالمبادئ أوالشرعية أوالقانون أ والآخلاق أومصالح الشعب الذى إئتمنهم على الثورة !!!!!
على هذا الطريق .. حول المتأسلمون كل مطلب ثورى وجماهيرى إلى أداة لإستكمال الهيمنة الشاملة على حاضر ومستقبل الشعب
• وعليه جرى .. تلقيم الشباب بشعارات ظاهرها الوطنية وغايتها الحقيقية أزاحة من يقف / أوقد يقف / فى وجه مخطط الأخونة
وذلك قبل ألإنقلاب على الشباب ، وتضخيم أخطائهم ، وتحميلهم مسؤولية عدم الإستقرار ، وإزاحتهم بقسوة من المشهد السياسى .!!
• وعليه يجرى الآن وبثبات .. تنفيذ مخطط شامل " لحوصلة الحركة الجماهيرية ".. بآلية ثابته .. تقوم على الأستمرار على خط الأخونة .. بصرف النظر عن موقف الشعب او المعارضة من جهة .والعمل من جهة أخرى على تحميل المعارضة مسؤولية الإنهيار الإقتصادى والأمنى ..وتفريغ طاقاتها .. بإغرائها بالمواقع ، ومحاصرتها بالإشاعات ، وملاحقتها أمنيا وقضائيا بالإتهامات الصورية ،
• وعليه جرى ..التشكيك فى كل صور الوحدة بين صفوف القوى المدنية ، وأبعاد المرأة عن الميادين بصورة غير أخلاقية ، وإطلاق البلطجية على التجمعات الجماهيرية ، والعمل على تحويلها الى معارك بين طوائف الشعب المصرى الى حدود المغامرة بحرب أهلية !!
***
وأعتقد جازما أن برنامج التمكين حينما وصل الى مرحلته الأخيرة العسيرة .. قد إنتهى تفجر الصراع حول مستقبل مصر فى إتجاهات ثلاث
• معركة / تحت السطح / حول السيطرة على القوات المسلحة والمخابرات العامة !!!
• وأخرى / فوق السطح / حول السيطرة على القضاء !!! ومناوشات يومية /حول إستكمال السيطرة على الأعلام .
• وثالثة ..فى حركة تمرد .. التى طرحت الثقة على الحكم الفاشى
وتجمع فى إطارها الخلاق كل روافد المقاومة ، وفى إطارها تتفجر الحركة الثورية التاريخية للشعب المصرى العظيم
وفى 30 يونيو ..يحسم الشعب المصرى الصراع لصالحه .. ويسترد ثورته المسروقة من قوى التطرف والإرهاب والجهالة ..التى حاولت ان تدفع به الى سراديب الماضى الحالكة الظلمة !!
***
كانت شرعية الصندوق هناك دائما تبرر للدكتاتورية وللعنف والإستخفاف بمصالح الشعب .. فى تجاهل كامل بأن حق الشعب فى الثورة هو توأم حقه الطبيعى فى الحياة والحرية .. وأن صناديق الإنتخابات / حتى ولو عبرت عن رأى الشعب فى لحظة بعينها / وهذا أمر نادر الحدوث/ .. لكن نتائجها لاتصادر ارادة الشعب و لاتلغى حقه الطبيعى فى أن يثور على من خانوا عهده ، وفى أن يسحب منهم الثقة ، وفى أن ينزع عنهم غطاء الشرعية .. فى الوقت وعلى الصورة التى يراها .
ويمكن القول ..أن شهوة التسلط على مصر ..اخذت القوى الفاشية المتأسلمة الى الخداع ، والى إقصاء الآخر ، والى الإنفراد بالسلطة .والى العنف ، و الى قتل الناس فى الشوارع والميادن .
ويبقى الحل النهائى لمأزق شهوة السلطة والقتل ..هو فقط اللجوء الى من لايخذل ولا يخدع ولايخون ..جماهير الشعب ..صاحبة المعجزة ..والحق والمصلحة فى الحاضر والمستقبل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق